كلمة
المحرر
التسامح
حاجة إنسانية
عالمية ملحة
في هذا العصر
يعيش العالم كله اليوم حالةً من التنافر والتباغض على أساس الدين، و وضعًا حرجًا من تلاشي التسامح الديني بشكل ينذر بعواقب وخيمة لايعلم مداها إلا الله تعالى، وهو أمر لاعهد للعالم كله به في القرون الماضية. ومما يحزن كل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد أن يرى ويسمع فريقًا من الناس ذوي الأغراض الملتوية لاينطلق إلا بما يخدم مصالحه- ينعت دين الإسلام بالعنف والإرهاب وهو دين التسامح والسلام، ويزعم أن الإسلام يبعث على التدمير والفوضى والتعصب. وهذه المزاعم لا نصيب لها من الصحة. فكثير من النصوص الشرعية – من الآيات و الأحاديث النبوية- قاطع بدعوة الإسلام إلى التسامح الديني، والأحداث التاريخية شاهدة على ذلك. وهذا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول : «بعثت بالحنيفية السمحة». وقيل له ذات مرة : يَا رَسُول الله أَي الْأَدْيَان أحب إِلَى الله؟ قَالَ: «الحنيفية السمحة». وجاء الإسلام بالتسامح، والاعتراف بحقوق الناس على مختلف أطيافهم وأديانهم، وجاء بالاحترام المتبادل بين مختلف شرائح المجتمع، وكفل بالحريات الأساسية لتحقيق التعايش السلمي والعيش المشترك بين الشعوب على اختلافها وتنوعها. وشدد الإسلام على أهمية المبادئ الخلقية في العلاقات الدولية، بغضّ النظر عن العقيدة الدينية. و العقيدةُ الإسلامية دفعت المسلمين لاتخاذ موقف رائع من التسامح نحو غير المسلمين، والتحلي بمبادئ إنسانية. والمنهجُ الرباني الذي جاء به الإسلام قائم على مبدإ عدم الإكراه قال تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾[سورة البقرة/256].
وقد
عامل
المسلمون
الفاتحون
العرب غير
المسلمين
بتسامح عظيم
منذ القرن
الأول من
الهجرة النبوية.
واستمر هذا
التسامح في
العصور المتعاقبة.
ولم تعتنق
القبائل
العربية
الإسلام إلا
عن طواعية
واختيار
وحرية وقناعة.
وخيرُ شاهد
على ذلك تواجد
المسيحيين
واليهود في
كثير من الدول
الإسلامية
يعيشون
ليومنا هذا في
أمن وسلام، دون
أن يتعرضوا
لما يكدر
عليهم العيش
وينغَّص عليهم
الحياة.
وسياسةُ
التسامح
الديني
الحكيمة
الهادفة التي
عُرف بها
الإسلام
وَجَّهَ بها
القرآن هي
التي اتبعها
الخلفاء
والملوك المسلمون
في البلاد
التي فتحوها
وحكموها، وبالذات
في الهند، مع
رعاياهم من
أبناء البلاد على
مختلف
أطيافهم
وأديانهم،
فلم يستثنوهم من
تولي الوظائف
العامة بما
فيها العمل في
قصر الخلافة،
وتجد غير
المسلمين
عاشوا في هذه
البلاد
يمارسون
طقوسهم
الدينية في
حرية تامة، وينعمون
بالأمن و
الرخاء في ظل
حماية الدول
الإسلامية
لهم،
ويشاركون
المسلمين في
حياتهم العامة.
والعالم
اليوم في حاجة
إلى نشر قيم
التسامح والتآخي
ونبذ التطرف
والتعصب؛
فمنطقُ التسامح
والتآلف هو ما
يجلب له الخير
والسعادة
والأمن
والرخاء، وهو
الذي يسد كل
منفذ من منافذ
الأغراض
السياسية
التي تفكك
نظام الاجتماع،
وتفرّق كلمة
الشعب،
وتشتّت شمل
الإنسانية،
وتغري
العداوة
والبغضاء بين
بني الإنسان،
فهل من مدكر.
[التحرير]
(تحريرًا
في الساعة
العاشرة من
صباح يوم الاثنين:
13/المحرم 1437هـ =
27/أكتوبر 2015م)
مجلة
الداعي
الشهرية
الصادرة عن
دار العلوم ديوبند
، ربيع الثاني
1437 هـ = يناير –
فبراير 2016م ، العدد
: 4 ، السنة : 40